Loading...
رئيس مجلس الإدارة
د.حاتم صادق

المصرى اون لاينبوابة خبرية متخصصة

رئيس التحرير
قدري الحجار

المأزق الإسرائيلي 1
الدكتور حاتم صادق

الدكتور حاتم صادق

بعد أكثر من خمسة أشهر من الحرب، تبنى مجلس الأمن الدولي قراره الأول الذي يطالب فيه بـ"وقف فوري لإطلاق النار" في غزة، وامتنعت الولايات المتحدة عن التصويت بعدما عطلت محاولات سابقة لإصدار قرار عبر اللجوء إلى حق النقض (الفيتو).
القرار الجديد لم يحدد موعدا بالساعة لوقف اطلاق النار وتركه مفتوح ، ولكنه يختلف عن مشروع القرار الأميركي السابق الذي اسقطه فيتو روسي صيني، ويربط بين وقف إطلاق النار الفوري وإطلاق سراح الرهائن لدى حركة حماس. أما القرار الجديد فطالب أيضًا بالإفراج عن جميع الرهائن الذين تم أسرهم، لكنه لم يربط هذا الطلب بوقف إطلاق النار خلال شهر رمضان. وفى كل الأحوال فان القرار الاممى لا يمتلك اى أدوات للتنفيذ، فهو لم يحدد كما قلنا ساعة التنفيذ، ولم يحدد كذلك خطوط التماس بين الجانبين، فضلا عن انه لم يشر الى وجود مراقبين لمتابعة وقف القتال في حال حدث تجاوز من احد الجانبين، لذلك فالقرار مجرد اجراء اخلاقى ليس الا.
رد فعل إسرائيل الغاضب لم يتأخر، وبعد دقائق من صدور القرار، الغى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو زيارة وفد إسرائيلي مقررة لواشنطن بعد عدم استخدام الولايات المتحدة الفيتو ضد القرار. واعتبر نتنياهو أن "فشل أميركا في استخدام حق النقض خلال تصويت مجلس الأمن الذي دعا لوقف إطلاق النار هو تراجع صريح عن موقفها السابق".
ورغم محاولات واشنطن لترميم الموقف المتصاعد مع تل ابيب الذى جاء على لسان المتحدث باسم البيت الأبيض، إن امتناع الولايات المتحدة عن التصويت في مجلس الأمن على قرار بشأن وقف إطلاق النار في غزة، لا يمثل تحولاً في السياسة الأميركية تجاه إسرائيل. الا ان الأمور في داخل إسرائيل وتحديدا في " الكابنيت" بدات وكأنها خرجت عن السيطرة، وأعلن الوزير في حكومة الطوارئ الإسرائيلي جدعون ساعر، رئيس حزب "تكفا حداشاه" استقالته من الحكومة التي انضم إليها في بداية الحرب الحالية. وربما يلحقه وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، وقد لا تتوقف الاستقالات قبل ان تنهار حكومة نتنياهو.
ولكن الخلافات بين تل ابيب وواشنطن باتت تتدحرج مثل كرة الثلج في الأسابيع الأخيرة، بسبب التباين في رؤية كل منهما لسير العمليات العسكرية في غزة. فبينما يصر رئيس الوزراء الإسرائيلي على المضي قدما في اجتياح رفح، المنطقة التي أصبحت مأهولة بأكثر من مليون نازح فلسطيني، دعت واشنطن تل أبيب إلى عدم اتخاذ تلك الخطوة التي من شأنها أن تتسبب في كارثة إنسانية وطلبت من حكومة نتنياهو أن تطلعها على خطتها لتفادي إلحاق خسائر بالمدنيين إذا اجتاحت رفح.
ورفعت واشنطن مستوى الضغط على تل ابيب ، لم تستبعد نائبة الرئيس الأمريكي، كامالا هاريس، حدوث عواقب على إسرائيل إذا مضت قدما في هجومها الوشيك على رفح جنوب قطاع غزة، وقالت هاريس “لقد أوضحنا في محادثات متعددة وبكل الطرق أن أي عملية عسكرية كبيرة في رفح ستكون خطأ فادحا”.
ووصل الخلاف الى ذروته عندما قال مسؤولون أمريكيون لمجلة “بوليتيكو" إن الرئيس جو بايدن سيدرس  وضع شروط على المساعدات العسكرية المستقبلية لإسرائيل إذا مضت قدما في هجوم رفح. ولم يقف الامر عند هذا الحد، وفى الخطاب الأخير الذي ألقاه زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأمريكي تشاك شومر دعا إلى ضرورة إجراء انتخابات مبكرة في إسرائيل ليحل شخصية جديدة محل نتنياهو.
حاليا تعيش إسرائيل المأزومة سياسيا واقتصاديا وعسكريا أسوأ ايامها ، وحكومتها أيضا أصبحت مهددة بالسقوط، وكل يوم يمر عليها منذ عملية يوم السابع من أكتوبر تخسر إسرائيل داخليا وتتآكل شرعيتها دوليا بسبب تماديها في ارتكاب مذابح إنسانية قطاع غزة، حتي ان البعض يصف رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو بانه اصبح يقامر بـما لا يملكه -مستقبل إسرائيل- لإنقاذ مستقبله الشخصي بعد ان خسر كل أوراقه في مستنقع غزة.
على الصعيد الداخلي، لا يمر يوما الا وهناك تظاهرات بالمئات امام بيت نتنياهو تطالبه اما بالاستقالة او بالانتخابات المبكرة للخروج بالبلاد من ازمتها التي تسبب فيها بعناده. وتتعاظم معها مشاعر الحقد الشعبي وغضب عائلات ضحايا السابع من أكتوبر ومجتمعاتهم المحلية، فضلا عن الإحباط في صفوف كثير من جنود الاحتياط في جيش الدفاع الإسرائيلي. أما نتنياهو فشاغله حتي اللحظة بقاؤه في السلطة وإنقاذ مابقي من مستقبله حتي لو كان علي حساب المئات من دماء شعبه.ووصلت حدة الخلافات داخل حكومة الحرب الي درجة غير مسبوقة، جعلت من الوزير بيني غانتس يقوم بجولة خارجية تشمل أمريكا وبعض دول أوروبا بدون الرجوع الي نتنياهو واعتبرها الاخير محاولة لتقويض سلطته لدرجة ان استطلاعات الرأي تشير إلى أن غانتس سيتمكن من الإطاحة بنتنياهو إذا أجريت الانتخابات اليوم. وقبل ايام وجه المئات من مسؤولي الأمن الإسرائيليين السابقين رسالة لحكومة الحرب، يحذرون فيها من أن "أمن إسرائيل ومصالحها الاستراتيجية في خطر"، وتتحدث الرسالة التي تمثل نحو 550 من كبار المسؤولين الإسرائيليين السابقين، الذين يشكلون مجموعة تطلق على نفسها اسم "قادة من أجل أمن إسرائيل"، عن "الضرر التراكمي الذي يلحق بأمن إسرائيل ومصالحها الاستراتيجية، بسبب سياسة الحكومة بشأن المساعدات الإنسانية لأكثر من مليوني شخص من غير المقاتلين في غزة".واضافة لما سبق يبقي هناك احد اهم العناصر الحاسمة في الداخل الإسرائيلي وهو "المتطرفون" الذين يشكلون ورقة ضغط علي أي حكومة خاصة اذا كانت من الحكومات التي تعتمد في بقائها علي أصوات هؤلاء المتشددين، مثل حكومة نتنياهو الذي يمارس سياسة العصا والجزرة معهم ، مرة من خلال منحهم الكثير من الدعم المادي والمعنوي، ،مرة بفتح الطريق امام تجنيدهم في الجيش، وهو امر مرفوض تماما بالنسبة لهم. 



تواصل معنا